تحويل العطاء إلى استدامة... وتمكين يتيح فرصًا للحياة


إن القضاء على الفقر يتطلب أكثر من العطاء وحده. يذكّرنا اليومُ الدولي للقضاء على الفقر بأن الحلول قصيرة المدى لا تكفي، بل نحتاج إلى مبادرات طويلة الأجل تمنح الأفراد القدرة على تعزيز إمكاناتهم وبناء مستقبلهم بأنفسهم.
في مؤسسة الوليد للإنسانية نؤمن بأن التمكين المستدام يبدأ حينما يمتلك الأفراد الأدوات والفرص اللازمة لتطوير ذواتهم وتحقيق أهدافهم. وعندما يُبنى التمكين الاقتصادي على الأفراد والمجتمعات والتعاون المشترك، يتحول الاحتياج إلى إرادة تدفعهم إلى الازدهار والمساهمة الفاعلة في مجتمعاتهم.
من العطاء إلى التمكين
العطاء وحده يلبي الاحتياجات الآنية، لكنه لا يُحدث تغييرًا دائمًا. التغيير الحقيقي يبدأ بتمهيد مسارات نحو الاستقلال. مبادراتنا تعمل على تزويد المستفيدين بالأدوات والفرص التي تمكنهم من تحقيق أثر مستدام في حياتهم والمضي قدمًا في النمو الاقتصادي والاجتماعي.
فمشاريعنا تعمل على تقديم الدعم عبر الاستثمار الاستراتيجي في إمكانيات الإنسان. هذا الاستثمار يولّد آثارًا تمتد عبر الأجيال. من خلال شراكات عبر القطاعات، نُطوّر مبادرات تمكّن الأفراد من المشاركة الفاعلة في الاقتصاد، بما يعزز النمو الوطني ويتكامل مع أهداف رؤية المملكة 2030.
الإسكان: ركيزة الاستقرار الاقتصادي
إن المنزل هو الأساس الذي يتيح للأسر الاستقرار المالي والمشاركة في مجتمعها. من خلال مشروعي الإسكان والسيارات بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والإسكان ومؤسسة «سكن»، نسعى إلى توفير 1,000 وحدة سكنية و1,000 سيارة سنويًا، بهدف الوصول إلى 10,000 وحدة وسعة تنقل على المدى البعيد. تهدف هذه المبادرة إلى تحسين المستوى المعيشي، وتخفيف أعباء السكن والنقل، وزيادة معدلات التمكّين ، وتوسيع آفاق المشاركة الاقتصادية والاجتماعية.
في إطار رؤية المملكة 2030، التي تستهدف رفع نسبة تملك المنازل إلى 70٪، استفاد حتى الآن 70,000 شخص من الإسكان و50,000 شخص من السيارات، ما ساهم في استقرار أسرٍ وقدرتها على المساهمة بفعالية في مجتمعاتها.
النقل: بوابة الفرص
وسائل النقل الموثوقة تفتح الآفاق للأفراد للوصول إلى الوظائف والتعليم والخدمات الأخرى، وتوسع نطاقهم الاقتصادي والاجتماعي. من خلال مبادرة «كابتنة» بالشراكة مع شركة كريم، قدّمنا تمكينًا لعدد من النساء السعوديات بالحصول على رخص قيادة والمشاركة في قطاع النقل. وقد حصدن دخلًا مستدامًا وساهمن في النمو الاقتصادي الوطني. تتجاوز هذه المبادرة الأثر الاقتصادي لتكون تطورًا ثقافيًا، إذ تواكب الأهداف الوطنية في مشاركة المرأة في القوى العاملة، التي بلغت 35.4٪ مؤخرًا في المملكة.
كما نُمكِّن الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية من خلال مبادرة «حركية»، التي توفر سيارات معدلة لتمكين أكثر من 60 مستفيدًا من العمل كسائقين. اكتسب هؤلاء مهارات مهنية واستقلالية، وساهموا في الاقتصاد الوطني بفعالية. إن أثر هذا البرنامج يتجاوز الأفراد إلى تعزيز الوعي المجتمعي بقدرات ذوي الإعاقة وقيم المساواة والشمول.
تعظيم الأثر عبر التعاون
يُولد التأثير الحقيقي حين تتلاءم المبادرات مع أولويات المجتمع واحتياجاته، وتتضافر الجهود لتحقيق أهداف مشتركة. نعمل جنبًا إلى جنب مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية، لضمان أن تسهم كل مبادرة في التنمية المستدامة وتحقق نتائج ملموسة، مع الحفاظ على مرونة تتعامل مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية.
خارطة الطريق المستقبلية
لبلوغ تمكين مستدام للأسر ومكافحة الفقر بفعالية، نحتاج إلى:
- شراكات استراتيجية قوية بين الجهات الوطنية.
- التزام طويل الأجل بالتمكين وقياس الأثر.
- حلول مجتمعيّة يقودها المستفيدون أنفسهم.
فالواقع يشهد: حينما تتوفر للأسر منازل مستقرة، ووسائل تنقل موثوقة، وفرص عمل شاملة، تتسع آفاقهم ويستمر التأثير الإيجابي على المدى الطويل.
نحن في مؤسسة الوليد للإنسانية نؤمن بأن التمكين المستدام هو سبيل التغيير الحقيقي. ومن خلال الانتقال من العطاء المؤقت إلى المبادرات المستدامة، نُعزّز قدرة الأفراد على النمو والمساهمة بفعالية في مجتمعاتهم.
معًا، نُمكِّن. معًا، نُحدث الأثر.